عشية تنظيم أسرة إذاعة طنجة لحفلها الذي يخلد للذكرى الثالثة والستين لتأسيسها ، والذكرى الثانية والخمسين لزيارة جلالة المغفور له محمد الخامس لمقرها ، استقبلت هذه المحطة الإذاعية الفنان الاسباني والعالمي لويس ديلغادو الذي يزور مدينة طنجة هذه الأيام في إطار إنجاز شريط وثائقي يحمل عنوان :" رحلة إلى قلب المغرب" .
وأصر الفنان الاسباني الذي كان مرفوقا بالمبدع المغربي محمد العربي السرغيني وبطاقم التصوير على أن يشمل تصوير الفيلم الوثائقي استديوهات إذاعة طنجة ،ضمن لقاء اذاعي يجريه معه الزميل عبد اللطيف بنيحي ، وهو ما تم بالفعل ، حيث تطرق الفنان ديلغادو في حواره مع عبد اللطيف بنيحي للإسهامات التي قدمها عبر مسيرته الفنية وتجواله في حقل الأنماط الغنائية التي تنتمي إلى القرون الوسطى وبشكل أساسي الموسيقى الأندلسية ، وأشار في هذا المضمار الى التفاعل الحضاري والتقارب بين الضفتين ، الذي يرتكز في جوهره على قواسم مشتركة ذات خصوصيات متعددة الأوجه .. وفي رده على سؤال بشأن أهمية التعاون الفني الذي حققه رفقة زميله إدواردو بانيياغوا أوضح لويس ديلغادو بأنه ثمرة اجتهادات وتراكمات طويلة تكرست بالتعامل الإبداعي مع مجموعة من الفنانين وشيوخ الموسيقى الأندلسية الذين ينتمون لمدينة طنجة من أمثال محمد العربي السرغيني ، وعمر المتيوي ، وجمال الدين بنعلال وغيرهم ..
وبخصوص انفتاحه على بعض الألوان التراثية الجزائرية والتونسية كالغرناطي والمالوف ، قال الفنان الاسباني في حواره مع إذاعة طنجة بأنه لم يقم الى حد الآن بسبر أغوار هذه الأنماط ، مكتفيا بالتعامل ومقاربة الرؤى ما بين الموسيقى الأندلسية بتجلياتها الحضارية والابداعية وموسيقى القرون الوسطى بقواعدها وأسسها الضاربة في عمق التاريخ .. وأضاف في السياق ذاته بأنه طرق فضلا عن ذلك باب الموشحات الأندلسية من قبيل إبداعات ابن لبانة الذي كان معاصرا للمعتمد ابن عباد وموشحات التطيلي الأشبيلي المعروف ب " الأعمى" وابن سهل الأندلسي اليهودي الذي يعتبر من الوشاحين الكبار .
وصرح ديلغادو بأن العملية الإحيائية التي يقوم بها تنطلق من إحساسه العميق بأهمية التراث الذي أبدعه المسلمون والاسبان معا ، مؤكدا على أن رهانه الحالي يقوم على استثمار الآلات الموسيقية التقليدية المستنبطة من رسومات القصور القديمة .
وعقب هذا الحوار الإذاعي ، قام الفنان الاسباني بجولة في أرجاء الخزانة الصوتية لإذاعة طنجة ، حيث عبر لرئيس المحطة الإذاعية السيد عبد الإله الحليمي عن شديد انبهاره وإعجابه بالكم الهائل من الوثائق الصوتية والتسجيلات الغنائية التي تتوفر عليها هذه الإذاعة سواء المغناطيسية أو الأسطوانات من فئتي 33 و45 لفة ، وكذا طريقة التصنيف المحكم والترتيب المضبوط لهذه الوثائق .
ولدى توجهه إلى استوديو عبد القادر الراشدي الذي كانت تجري فيه ترتيبات الحفل المخلد للذكرى الثالثة والستين لميلاد إذاعة طنجة ، توقف ديلغادو كثيرا عند صور كبار الفنانين المغاربة الذين تجمعهم به علاقة صداقة ومودة. وداخل فضاء هذا الاستوديو التقى ديلغادو بنجم الطرب الجبلي الفنان عبد المالك الأندلسي ، الذي كان يقدم وصلات من الرايلة و العيطة الجبلية التي أثارت إعجابه لدرجة أنه انخرط في الرقص تلقائيا على نغماتها ، مبديا رغبته في خوض تجربة مشتركة مع مجموعة عبد المالك الأندلسي في الأمد المنظــــور .
